خالد درة يكتب : بالعقل أقول...( أوروبا بين مطرقة ترامب و سندان بوتين ...)


شعر الأوروبيون بالإهانة عندما تحدث المبعوث الأميركي الخاص إلى أوكرانيا كيث كيلوغ أمام مؤتمر ميونيخ للأمن الأسبوع الماضي ، عن عدم ضرورة إشراك أوروبا في المفاوضات المنتوي إجراؤها لإيجاد تسوية سلمية للحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا ..
فأوروبا المحاصرة بين ترامب وبوتين
بخطى متسارعة يذوب الجليد عن سطح العلاقات الأميركية - الروسية ، و يؤكد ذلك اللقاء في الرياض بين وزيري الخارجية الأميركي ماركو روبيو والروسي سيرغي لافروف بحضور مستشاري الأمن القومي في البلدين ، للتمهيد لقمة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، التي ستخصص للبحث في كيفية التوصل إلى حل للنزاع الروسي - الأوكراني ..
اللقاء الذي لم يحضره ممثلون عن أوكرانيا أو عن أوروبا ، يثير الخشية لدى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقادة الاتحاد الأوروبي الذين وجدوا أنفسهم حتى الآن خارج دائرة الحوار الأميركي - الروسي .. وهذا ما استدعى اجتماعاً عاجلاً في باريس بين الرئيس إيمانويل ماكرون ورؤساء حكومات ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وبولندا وإسبانيا وهولندا والدنمارك ، إلى رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته ..
حيث شعر الأوروبيون بالإهانة عندما تحدث المبعوث الأميركي الخاص إلى أوكرانيا كيث كيلوغ أمام مؤتمر ميونيخ للأمن الأسبوع الماضي ، عن عدم ضرورة إشراك أوروبا في المفاوضات المنوي إجراؤها لإيجاد تسوية سلمية للحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا التي توشك على دخول عامها الرابع في 24 فبراير الجاري ..
و يدب القلق في أوصال الزعماء الأوروبيين مما يعتبره رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر "تسريعاً" أميركياً للتحرك في ما يتعلق بالملف الأوكراني .. و وجد الأوروبيون أنفسهم ملزمين بالبحث عن تحديد رد مشترك لتعزيز الأمن في القارة الأوروبية ..
و عكست الكلمات التي ألقيت في مؤتمر ميونيخ للأمن ، الهوة الآخذة في الاتساع بين ضفتي الأطلسي .. وألقى نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس خطاباً حاداً هاجم فيه الاتحاد الأوروبي ، متهماً إياه بفرض قيود على حرية التعبير ، مع تأكيده أن الأميركيين يدرسون إجراء مفاوضات في شأن أوكرانيا من دون الأوروبيين ..
هذا الكلام استفز باريس التي رأت أن هذا "يستدعي صحوة حقيقية من جانبنا ، وحتى قفزة إلى الأمام، لنأخذ مكاننا في أمن القارة الأوروبية"..
و بدأ الأوروبيون يناقشون جدياً احتمال نشر قوات فرنسية وبريطانية وبولندية في أوكرانيا لضمان وقف النار و"سلام دائم" في هذا البلد ..
وكان للمكالمة الهاتفية التي أجراها ترامب مع بوتين الأسبوع الماضي ، وقع المفاجأة في أوروبا التي يرى زعماؤها أن الرئيس الأميركي يقدم الهدايا بالمجان لبوتين ، من دون أن يحصل منه على أي مقابل ..
لا يتوقف الصدع الأوروبي - الأميركي عند هذا الحد ، بل يتوسع ليشمل ما يراه المستشار الألماني أولاف شولتس تدخلاً في الشؤون الداخلية لألمانيا ، في ضوء دعوة نائب الرئيس الأميركي فانس ومسؤول وزارة الكفاءة الحكومية الأميركية إيلون ماسك ، الناخبين الألمان إلى تأييد حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف في الانتخابات التي ستجري في 23 فبراير الجاري ..
فمنذ الولاية الأولى لترامب ، شهدت العلاقات بين ضفتي الأطلسي الكثير من التوتر .. والآن ، تعزز هذا الاتجاه مع دعوة وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث الدول الأوروبية الأعضاء في حلف الناتو إلى رفع موازناتها العسكرية إلى 5 في المئة على الأقل ، من أجل تلبية الاحتياجات الأمنية للقارة الأوروبية ، وكأنه بذلك يقول لهم ضمناً إن أمن أوروبا يجب أن يكون أوروبياً وإن الحماية الأميركية من الممكن أن لا تعود متوافرة في أي لحظة ..
ويضاف إلى كل ذلك ، الحرب التجارية التي توشك على الاندلاع بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ، عندما يتخذ ترامب القرار بزيادة التعريفات الجمركية على الواردات من أوروبا ، بينما تهدد بروكسيل برد مضاد ..
الملف الأوكراني يشكل واجهة الخلافات المتعددة ، التي تذر بقرنها بين أميركا وأوروبا في عهد ترامب الذي بدأ بوضع شعار "أميركا أولاً" موضع التنفيذ .