محمود المليجى يكتب : كدابين الزفة وزفة الكدابين


كثيرًا ما نسمع عبارة كدابين الزفة وكثيرًا ما نستخدمها لوصف اؤلئك الذين يثيرون الجلبة من صياح وتهليل وصخب وضجة لأى شخص أو أى حدث علا شأنه أو قل بمبالغة ممقوتة ونفاق ظاهر فى محاولة لإظهار هذا الشخص او الحدث بأفضل صورة ممكنة يعددون فيها صفاته ويعرضون مناقبه ( وغالبًا ما يكون ذلك على غير الحقيقة ) .
و كدابين الزفة هو تراث مصرى خالص و يعمل به فى بعض البلدن العربية أنتشر فى النصف الأول من القرن العشرين كما ذكر الدكتور سيد عبد العال أستاذ علم النفس بكلية الأداب جامعة عين شمس
وجرى تعريف كدابين الزفة فى الفولكلور المصرى : هم أؤلئك الذين يظهرون فى الأفراح خاصة فى وقت توزيع الطعام و المشروبات و يأكلون اللحم و الأرز مقابل التواجد بالزفة و التهليل و التطبيل للعريس أو العروسة ومدحهم بصفات لم تكن فيهم ويرقصون ويتمايلون بقدر ما ملأوا بطونهم من الطعام
وإذا استبدلنا المسئول عوضًا عن العريس ووضعنا بدلًا من اللحم والأرز المكاسب والمناصب والحماية لاستقام الأمر وظلت ظاهرة كدابين الزفة على حالها والمسئول هنا هو أى مسئول فى أى منصب سواء تشريفًا أو تكليفًا مديرًا أو وزيرًا نائبًا أو حاكمًا فسلطة الحكم لاتختلف كثيراً عن سلطة الإدارة أو النيابة (من النواب) .
و كذاب الزفة هو رجل كل العصور والآكل على كل الموائد دائمًا ما يتبع العملة الرائجة ويتحسس الورقة الرابحة يسير مع إتجاه الريح ولو على غير هدى يجيد ركوب الموجة ينافق كل عهد و كل صاحب منصب أو سلطان لكى يحصل على مايريد لا يتخذ موقف ولا يُعتمد عليه كثير الكلام معدوم الفعل تافه قليل القيمة يبحث لنفسه عن دور لتحقيق مكسب ما أو بحثًا عن عطية أو هبة أيًا ما كان يصبوا إليه .
وغالبًا لايلجأ المسئول إلى كدابين الزفة إلا إذا كان من أنصاف الموهوبين أو أرباع المهرة أو محدودى الهمة
وذلك لتزيين صورته وجبر نقيصته وبث إشاعة أن هناك حالة من الرضا لأدائه المهترء والظهور أمام الناس بالشكل الذي يريده .
والعجيب فى الأمر أنك لن تعد ترى كدابين الزفة هؤلاء فى ثياب مهلهلة أو هيئة بسيطة أنما ستراه منمقًا مهندمًا قد تراه إعلاميًا لامعًا أوأستاذا فى بيت الحكمة أو نائب شرع أو والى ربع أو شيخًا صاحب نعمة تراه يستمرئ الكذب ويتنفس النفاق والمداهنة .
وإذا كان وجود كذاب واحد من كذابين الزفة فى موقع ما خدمى كان أو إنتاجى تنفيذى كان أوحتى تطوعى كفيل بأن يجر على الناس الفشل و الخراب فما بالك إذا كان الموقع ذاته به زفة من الكذابين .
فإذا كنا جادين فى بناء دولة قوية تعتمد على المؤسسات الفتية فيجب أن نستبعد من المشهد كل كذابين الزفة وننهى زفة الكذابين .