دكتور رضا محمد طه يكتب : المرأة المكافحة وزكاة الصحة


بمناسبة يوم المرأة العالمي وكان بالأمس ، حري بنا أن نذكر بكل ما تحتويه الكلمات من معاني الشكر والتقدير للمرأة المكافحة في كل المجالات وقبلها في دورها المقدس في الأسرة وما يصاحب ذلك من تضحيات تعجز الكلمات عن التعبير عنها. هذا المقال كما هو واضح يشمل موضوعين يبدوان ليس بينها علاقة، لكن في الحقيقة أن ما حدث أمامي صباح اليوم وانا في طريقي للعمل حيث وتقريباً في السادسة صباحاً نزلت امرأة تجاوزت الستين من عمرها من سيارة اجرة وتحمل معها سبت كبير مملوء بالخبز التي تقوم على إعداده في بيتها كي تبيعه في أسواق القري المجاورة في أيامها، ولأنني اشتري منها اعرف أنها تأتي من احدي البلدان المجاورة لنا، رأيتها وهي تحمل السبت الثقيل وتجاهد كي تمشي به خطوات حتي موقف التكاتك، حاولت مساعدتها لكنها كانت قد اقتربت من المكان ، لكن المثير للتعجب في ذلك المشهد هو مجوعة من الشباب الذين كانوا يقفون منتظرين سيارة العمل اي الوردية ولم يحرك أحد منهم ساكنا في مشهد مثير للأسي والحزن علي تراجع الشهامة والمروؤة وخاصة في أبناء الريف ، تلك السلوكيات كانت مستحيل أن تتخيل أن نراها وخاصة ونحن ومنذ أن وعينا على الدنيا كنا نري الشباب وحتي الرجال الشيوخ والحماسة نحو مساعدة الآخرين وخاصة المرأة وكانت تلك القيم والمبادئ صفات متأصلة وموروثة من الآباء والأجداد.
نموذج هذه المرأة المكافحة موجود في كل مكان حيث تجاهد في سبيل أسرتها أما مساعدة للزوج قليل الدخل أو بسبب وفاته تاركة وراءه أبناء تضحي الزوجة بسعادتها ولا تتزوج من بعده مكرسة كل جهدها لتربية والحفاظ على الأسرة والنماذج كثيرة لا يسع المجال هنا لحصرها.
لكن وللأسف نماذج تلك التضحيات في الأجيال الجديدة الحالية في تراجع وخاصة في البنات اللاتي ليست لديهن ادني درجة من التضحية لتحمل مسؤولية ضئيلة بمقاييس ما نتحدث عنهم وحتي في بيت الزوجية نجد عناد ومشاجرات علي أتفه الأسباب وندية دون داع مع الزوج ويطلبن الطلاق علي أتفه الأسباب، وكثيرة هي الحالات التي تشعجها أولياء أمورها على فعل ذلك بسبب التدليل المبالغ فيه لهن، وبعضهم يتزوجن من أزواج ولا يوجد تكافؤ بينهما لكنه العناد والمكابرة ومكايدة في الزوج السابق والضحية الأبناء الذين قد يتعرضون للضياع والتشتت جراء ذلك. ولأننا في هذا المقال نخص المرأة لذا لا مجال لتناول سلبيات بعض الأزواج ودروهم في ضياع الأسرة سوف نفرد لها مقال بمشيئة الله.
بمناسبة شهر رمضان المبارك والذي يرتبط به زكاة الفطر ، وهي ضمن زكاوات عديدة وجميعها مهمة وبالأخص بالطبع زكاة المال ، لكن وفي سياق العنوان نذكر بزكاة الصحة والعافية لأي شخص رجل كان أو امرأة منحه الله الصحة والعافية فعليه دفع زكاة عليها وذلك باعانة ومساعدة الضعفاء والمساكين حالما احتاجوا لذلك، لأننا كثيرا ما نشاهد في وسائل المواصلات العامة مثل مترو الأنفاق يجلس شباب وإمامهم كبار السن من النساء والرجال دون أية احساس أو يهموا للوقوف كي يجلس هؤلاء وقس على ذلك مواقف كتيرة تحمل دلالة بأن الأجيال الجديدة لا يهمهم سوي أنفسهم ولهذه السلوكيات اسباب عديده منها غياب الدور التربوي للأسرة وكذلك في المراحل التعليمية المختلفة في غرس القيم والأخلاق فيهم تاركين إياهم لاخلاقيات الشارع التي يكتسبون منها السلبية والأنانية وغيرها من السلبيات الاجتماعية.
ضرب لنا القرآن الكريم مثلاً أظن أنه يصلح كي نذكره في ما يخص من يزكون بصحتهم من أجل الآخرين ، وهي ما اقبل عليه سيدنا الخضر عندما جاء على قرية ووجد فيها جدار يريد أن ينقض فاقامه دون أجر ، حتي قال له سيدنا موسى لو شئت لاتخذت عليه أجرأ ، لكنه ولحكمة أو علة أخبره الله بها ، وهي أن ما فعله وتعب من أجله كان حفاظاً علي كنز لليتامي سوف يعثرون عليه بعدما يكبرون ويكون عندهم دراية ووعي بالمسؤولية للاستفادة بما تركه لهم أولياء أمورهم من كنوز.