د.كمال يونس يكتب: رنين


ترقى في عمله عن جدارة ،بيد أن كان جل مايؤرقه رنين هاتفه المحمول الذي لاينقطع ،طلبا لخدمة أو تيسيرا لها ، اعتزل الناس والأهل والأقارب كي لايطلب منه أحد أية خدمة ،اتخذ لنفسه رقما خاصا لايعرفه سوى المقربون واستراح لبرهة حتى انتشر الرقم الجديد ،دائما متأفف ،قاطع الرد على هاتفه، وإن رد يرد بغلظة ، ولكن بقلق من أن يكون من هم أعلى منه وظيفيا يطلبون للاستفسار عن شيء، يرد على حذر وترقب ، خرج على المعاش وقبله هاتفه الذي يبدو كأنه أصيب بخرس لا بل أكثر سكتة قلبية ، صار وحيدا يحتاج إلى معونة البعض في قضاء بعض المصالح أو الاستفسار عن أمر من الأمور ،يمد يده في استحياء يلتقط هاتفه ،يتصل ،رنات جرس ،لا رد ، أو اضغط رقم واحد واترك رسالة مسجلة ، ازدادت عزلته يوما بعد يوم ، هاتفه مسجى على الطاولة ، صار جثة هامدة في جرابه ، كم اشتاق لسماع رنينه ، نسي أنه لم يقم بشحنه منذ مدة طويلة،فلا أحد يرد عليه .