الإثنين 31 مارس 2025 11:46 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

وليد نجا يكتب : طقوس استقبال العيد قبل ظهور الفضاء اللإلكتروني

الكاتب الكبير وليد نجا
الكاتب الكبير وليد نجا

نحن اجيال محظوظة عاشت في حقبتين زمنيتين حقبة ماقبل ومابعد ظهور الفضاء الإلكتروني والانترنت فحافظنا على القيم والعادات والتقاليد المتوارثة عبر عدة اجيال وخاصة في شهر رمضان حيث كانت طفولتنا مرتبطة بمبنى ماسبيرو العريق عبر برامج القناه الاولى والثانية وعبر أثير الأذاعة المصري والمسلسل الإذاعي للبرنامج العام و الشرق الأوسط و صوت العرب وكنا مرتبطين بالصحف الورقية في عددها الاسبوعي.
و جيلنا ارتبط بحلقات بكار وسلاحف الننجا و فوازير كل من نيلي و شريهان و بطوطة لسمير غانم وكانت الدراما المصرية تؤرخ للحارة المصرية والهوية المصرية والعادات والتقاليد المصرية على غرار ليالي الحلمية وارابيسك ورافت الهجان وكنا ننتظر تفسير الشيخ الشعراوي وقرآن المغرب من إذاعة القرآن الكريم ورغم عدم توافر الكهرباء لفترات طويلة فتره الثمانينات والتسعينات كنا نقضي أغلب ليالي رمضان على انوار الكلوب ورغم بساطة الحياة كنا نعيش في قناعة وسعادة وجميع الجيران أسرة واحدة يتمنوا الخير لبعضهم البعض و هناك حدود في المعاملات وتقاليد راسخة لا اثتثناء فيها الكل سواسية امام الأعراف والأصول.
ومن العادات الرمضانية التي لاتنسي في النصف الثاني من رمضان بجانب الصلاة وقراءة القرآن طقوس عمل الكحك والبتفور والبسكويت كان هناك نظام يحترمه الجميع فكانت الخالات والعمات والجيران يجتمعون في منزل كل واحدة منهم بالدور وصاحبة المنزل المزعم صناعة الكحك والبسكوت فية تستضيفهم ربة المنزل بعد صلاة العشاء في غرفة الضيوف وينام الجميع وعلى ميعاد السحور يتم إيقاظهم ويتسحروا جميعا ويبدأوا في أعداد العجين وأشعال الفرن البلدي الذي كان يعمل بالحطب وكانت الأكبر سنا والأكثر خبرة هي من تجلس تخبز في الفرن وباقي النساء عليهم اعداد العجين ويستمروا حتى اذان المغرب ويكون الإفطار حسب الامكانيات دون تكليف وكان الكل سعيد ومحب للأخر وبعد الانتهاء يتم خبز العيش لأصحاب المنزل و بعدها يذهب الجميع منازلهم مجهدين سعداء بأنجاز مهمتهم.
وفي اليوم التالي يتجمعوا مرة أخرى بالدور في منزل اخر لتكرار نفس العملية ولم يكن هناك كحك او بسكوت جاهز كما هو الآن وان تواجد فمن العيب على ربة المنزل عدم صنع الكحك والبسكوت في منزلها.
وكنت محظوظ لأن والدتي أطال الله عمرها كانت مدرسة تدبير منزلي وكانت نساء قريتنا تأتي إليها لتأخذ مقادير البسكويت والكحك والبتفور والكيكة وغيرها عكس الان برامج الطبخ والمخبوزات موجودة عبر الإنترنت والفضائيات ورغم بساطة الحياة وضعف الامكانيات بالمقارنة باليوم نجد أن السعادة كانت من مميزات حقبتنا الزمنية والحب والود تظهرة العيون.
ومن الذكريات التي لاتنسي طقوس الأفراح وشراء الشبكة وكتابة القائمة فقد كان جدي الحاج عبد العزيز نجا ناظر المدرسة الإبتدائية الوحيدة في قريتنا في تلك الفترة مشهور بقدرتة على كتابة القائمة وشراء الذهب وحل المشكلات والخلافات الأسرية و كل من يتزوج في قريتنا يأتي إلية لكتابة القائمة وشراء الذهب، وعند حدوث خلاف يكون جدي الحكم ومعة وجهاء القرية والجميع في سعادة وحب وتواضع ومع اختراع الانترنت وظهور الفضاء الإلكتروني بعدت المسافات بين الأسر وأصبح الواتس بديلا عن الزيارات العائلية وأصبح العيد عبارة عن خروج وسفر وندرت الزيارات العائلية ولم تعد الأسر تجتمع لصناعة الكحك والبسكوت وأصبح شراء المخبوزات الجاهزة هي القاعدة وأصبح التجمع العائلي استثناء وتبدلت أحوال الدراما والتلفزيون لعوامل عديدة ونأمل في العام القادم ان تكون الدراما معبرة كما كانت في الماضي وصاحبة رسالة ومحافظة على القيم وفي الختام لكل جيل ذكرياتة واحلامة وطقوسة وماكان غريبا في الماضي أصبح القاعدة وتبدلت الأعراف والقيم ولازال شهر رمضان هو شهر الخير والرحمة والعتق من النيران عيد سعيد .

وليد نجا مقالات وليد نجا طقوس استقبال العيد قبل ظهور الفضاء اللإلكتروني الجارديان المصرية