محمد الشافعى يكتب : يا وزير الصحة الشكر لا يطلب، بل يكتسب


في مشهدٍ يُجسّد دور الحكومة وعلاقتها بالشعب وعدم إدراكها لتوجيهات الرئيس ، ظهر وزير الصحة المصري الدكتور خالد عبد الغفار في مقطع فيديو وهو يقابل شكوى مواطنٍ عانى من سوء الخدمة الطبية بردة فعلٍ غريبة "اشكر الدولة أولا" الكلمة التي أثارت سخطا واسعا لم تكن مجرد زلة لسان، بل كشفت عن منطق قائم على أن يعامل المواطن - صاحب الحق - كمتطفل!
المواطن "المتسول".. والوزير " المتعالى
المواطن الذي توجه بالشكوى لم يكن يطلب مِنّةً أو هبةً، بل كان يطالب بحقه في رعاية صحية لائقة، وهو حق كفله الدستور ، لكن رد الوزير حول هذا الحق إلى "هبة" تستوجب الشكر! وكأن المواطن لم يدفع ضريبة من عرقه، أو كأن النظام الصحي يموله الوزير من جيبه الخاص!
هذه العقلية تكرس فكرة خطيرة أن الحكومة "تتفضل" على الشعب، وليس العكس. بينما الحقيقة هي أن المواطن هو من يدفع الضرائب، ويمول الخدمات، ويضحي من أجل "الدولة" التي يفترض أن تعمل من أجله ، لا سيدا عليه ، وذلك تمشيا مع مايقوله الرئيس دوما فى شكره للشعب المصرى . وحثه المستمر للحكومة أن تراعى وتهتم بكافة الخدمات التى تقدم للمواطن المصرى .
وأتسائل هنا لمعالى الوزير.. لماذا لم "تشكر" المواطن أولا؟
الأكثر إثارة للسخرية هو أن الوزير لم يفكر للحظة أن يوجه الشكر للمواطن الذي كشف عن خللٍ في النظام الصحي، مما يمنح الوزارة فرصة للإصلاح. في أي نظام صحى سليم، تُعتبر شكاوى المواطنين أداة للتقييم والتطوير، لا "جحودا" يستحق التوبيخ
لو كان الوزير يتفهم مهنته ومنصبه ، لقال "نعتذر عن التقصير، وسنعمل على تحسين الخدمة"*. لكنّ اختياره لنبرة الوصاية يذكّرنا بثقافةٍ البيروقراطيةالتى عفا عليها الزمن، حيث الوزير "الأب" الذي يوزع اللوم والثواب، بدلا أن يكون خادما عاما مسؤولا عن تقصيره.
طلبه " اشكر الدولة".. إلهاء عن الفشل
فبدلا من مناقشة إخفاقات الوضع الصحي - من نقص المستشفيات، وتدنى الخدمة داخل المتواجد من المستشفيات ، إلى معاناة الأطقم الطبية ، ونقص الأدوية وارتفاع اسعار الموجود منها ، يطلب من المواطن "الشكر" على أي خدمة مهما كانت رديئة
هذا النهج لا يحل المشكلة، بل يزيدها تعقيدا. فالشكر الحقيقي يأتي عندما تشعر المواطن بأن حياته تحسنت، لا عندما يجبر على الشكر لك . التاريخ لن يذكر كم مرة شكر المواطنون الوزراء ، بل سيذكر تعالى الوزير على المواطن
ختاما الوزير المثالي.. هو من "يشكر" شعبه
الوزير الجدير بمنصبه هو من يعتبر الشكوى ناقوس خطر يدفعه للعمل، لا من يحولها إلى مناسبة لدروسٍ في "الامتنان". إذا كانت "الوزير " يريد شكرا حقيقيا، فليقدم خدمات تستحق الشكر. أما المواطن، فله كل الحقّ أن يغضب، أن ينتقد، بل وأن يطالب بمحاسبة المقصرين.
السؤال الأهم الآن .. متى سنتعلم أن الشكر لا يطلب، بل يكتسب