الأربعاء 2 أبريل 2025 03:46 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

طارق محمد حسين يكتب :الشعور بالوحدة في العيد

الكاتب الكبير طارق محمد حسين
الكاتب الكبير طارق محمد حسين

. خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان على الطبيعة الاجتماعية وهو ما منحنا تسمية كلمة انسان عن استحقاق، ولكن هناك العديد من الأسباب التي تسبب مشاعر الوحدة في العيد ، فما هي تلك الأسباب وما هي طرق التغلب عليها؟ ، المغتربين لظروف العمل او الدراسة بعيدًا عن عائلاتهم وأصدقائهم أو الذين فقدوا أحد أحبائهم أو أشخاص مقربين لديهم ، هم الأشخاص الذين يعانون من مشاعر الوحدة في الأعياد، ولكن مع التواصل والعبادة والمشاركة في الأعمال التطوعية والأنشطة الاجتماعية، يمكن أن يتمكنوا من التغلب على مشاعر الغربة والوحدة والاستمتاع ببهجة العيد ، ولتجنب تفاقم تلك المشكلة والتعرض لاضطرابات نفسية عديدة . نتيجة البعد عن الأسرة والأهل ، فكيف يواجه المغترب مشاعر الوحدة ؟ ، إن الأعياد فرصة فريدة للشعور بالانتماء والترابط ليس فقط بين أفراد العائلة الواحدة ولكن بين أفراد المجتمع بأكمله، حيث تقام التجمعات العائلية والاجتماعية والمشاركة في الاحتفال بأجواء العيد ، مما يخلق جوًا رائعًا من الترابط والدفء بين أفراد المجتمع بأكمله، ولكن قد لا ينعم المغتربين بتلك الأجواء الرائعة ، فيعانون من مشاعر الوحدة ويفتقرون إلى تلك التجمعات العائلية ، فهناك بعض الأشخاص الذين لا عائلة لهم أو الذين يعيشون بعيدًا عن عائلاتهم، بسبب ظروف العمل أو الدراسة التي تضطرهم إلى الابتعاد عن اوطانهم وبلدانهم ، الأمر الذي يفقدهم الشعور بفرحة استقبال العيد ويصبحون في صراع بين الحنين للأهل ولبلادهم، فالمشاركة في الحياة الاجتماعية من شأنها أن تساعد في التغلب على مشاعر الوحدة في العيد ،وهي سلوك نابع من فطرة الإنسان المفعمة بالأنس بين الحنين والروحانيات ، الألم العاطفي والشعور بالفراغ والحزن الذي ينتاب الشخص عند غياب شخص عزيز كان يشاركه الأعياد والمناسبات السعيدة سواء بالسفر أو بالوفاة وغيرها، يعزز من مشاعر الوحدة في الأعياد لدى هؤلاء الأشخاص، ولا سيما عندما تجتمع العائلة وتتذكر الشخص الغائب وتفتقده، وتسمى هذه الحالة بمتلازمة المقعد الفارغ، ولكن تذكر أن الحزن لفقد او غياب شخص عزيز شعور طبيعي، وعلى الإنسان ألا ينخرط في ذلك الشعور، إن الابتعاد عن العائلة والأصدقاء وعدم والمشاركة في اللقاءات والتجمعات العائلية والاجتماعية، وهي من أهم ما يميز الأعياد، لذلك بعض الأشخاص الذين تضطرهم ظروف السفر أو العمل في أماكن بعيدة عن عائلاتهم وأقاربهم وأصدقائهم ينتابهم الشعور بالوحدة والانعزال، بسبب فقدانهم المشاركة في تلك العادات واللقاءات الجماعية ، ولكن عليهم أن يتذكروا أنهم ليسوا الوحيدون، فهناك العديد من الأشخاص الذين يعانون من ذلك الشعور بالوحدة في الغربة، وعليهم أن التعامل مع شعور الوحدة بطريقة صحيحة للتغلب على ذلك الشعور، فمع قلة التواصل الاجتماعي المباشر في هذا العصر، أصبحنا منغمسين في مشاكلنا وحياتنا الخاصة، بحيث أصبحنا ننسى الآخرين ونتجاهل من حولنا عن غير قصد، وأصبح من السهل أن نشعر بالعزلة عن الآخرين كأننا لا ننتمي إلي من حولنا على الرغم من كثافة العالم من حولنا ، إلى جانب ذلك الانخراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الافتراضية ، يسبب صعوبة في تكوين علاقات اجتماعية مستقرة، ويسبب تفاقم الشعور الداخلي بالوحدة والانعزال، مما يؤثر بشكل سلبي على المشاعر والأفكار والصحة النفسية لهؤلاء الأشخاص. فنجد الكثير من هؤلاء الذين شغلوا أنفسهم بوسائل التواصل الاجتماعي ولم يعودوا يرتبطوا كثيراً بما حولهم من مناسبات و أحداث روحانية مثل قدوم المناسبات والاعياد، قد يعاني هؤلاء الأشخاص من مشاعر الوحدة في الأعياد إلى جانب الإصابة باضطرابات نفسية عديدة، فالأعياد والمناسبات هي أكثر الفترات للتجمع العائلي على مدار العام، ولكن عندما يشعر البعض بالعزلة والوحدة في هذه المناسبات ، قد يُؤدّي هذا الشعور إلى زيادة مشاعر الأشخاص بالقلق والتوتر الأمر الذي يُؤثّر على قدرة الشخص على التركيز والمعاناة من بعض الاضطرابات النفسية، مثل اضطرابات الأرق واضطرابات النوم ، وزيادة مشاعر التوتر أو الضغط النفسي، تؤثر بشكل مباشر على صحة الشخص الجسدية والنفسية، بل وقد يتفاقم الشعور بالقلق إلى الإصابة بالاكتئاب في نهاية الأمر، وقد وجد علماء النفس أن الأمل في علاج الاكتئاب معقود على انخراط المكتئب في أسرته ومجتمعه ومشاركته في كافة المناسبات والتجمعات العائلية، حتى وإن أعلن الشخص المكتئب عكس هذا فينبغي ألا يترك بمفرده، وإلا استفحلت مشكلته أكثر، كيف يتخطى المغترب مشاعر الوحدة والانعزال في الأعياد؟ ، يمكن للعديد من الأشخاص أن يعانون من الشعور بالوحدة لأسباب عديدة كما ذكرنا سابقًا، ولكن كيف يمكن للبعض أن يتخطى ذلك الشعور بالوحدة ، في البداية، لابد أن يتم تحديد السبب وراء ذلك الشعور، والتعرف إلى طرق السيطرة عليه، لتجنب الإصابة باضطرابات نفسية أخرى ومن أهم طرق التغلب على الشعور بالوحدة، هي التغلب على مشاعر الوحدة والتكيف مع الغربة وما ينتج عنها من مشاعر، لا شك أن العيد في الغربة يكون مختلفًا، نتيجة لافتقاد الأهل والتجمعات والزيارات العائلية أو التجمع مع الأصدقاء الأمر الذي يصنع أجواء عيد مبهجة، ولكن لابد على المغترب من التخلص من الصراع النفسي، فلا سبيل سوى التكيف مع الوضع المفروض عليه بعيدًا عن أهله وأصدقائه من أجل الاستمتاع بالعيد، وأفضل ما يقوم به المغترب بعيداً عن بلده، هو أن يندمج في مجتمعه الجديد، لتقليل شعوره بالاغتراب والتأقلم مع ظروفه الحالية، مثل تعليق الزينة في غرفة السكن والتجمع مع الأصدقاء على مائدة الطعام ، لتحسين الحالة النفسية للمغترب والتماس السعادة في الأشياء البسيطة التي بين يديه والتي تنقل له صورة مشابهة لأجواء العيد التي اعتاد عليها في وطنه ، وعدم التواصل المباشر مع العائلة والأصدقاء والوحدة ليست ابتلاء، بل ينصح بأن يكون للشخص أصدقاء بالغربة وتكوين دائرة من الأصدقاء والمقربين، ولكن عليه أن يتحرى الأصدقاء ذوي الأخلاق الحسنة الذين يعينونه على الحياة في بلد الغربة ، ومن أفضل طرق كسب الأصدقاء والخروج من الشعور بالوحدة هي المداومة على الصلاة في جماعة في المسجد، فبمجرد المحافظة على الصلاة في المسجد فإن هذا يُخرجك من الوحدة ويساعدك في التعرف إلى أناسًا طيبين يتردّدون على المساجد، وتنشأ بينك وبينهم صداقة، تقلل من الشعور بالوحدة.