الأربعاء 2 أبريل 2025 06:21 مـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

الأديبة رضا الحديدي تكتب : لحظة مراجعة

الأديبة رضا الحديدى
الأديبة رضا الحديدى

لماذا يتخلى من نظنهم حماة للقيم عن القيم ذاتها؟
في زمن كثرت فيه الغرائب
ما نراه ليس مجرد انحرافات فردية،
بل انهيار النماذج و تهاوى الرموز
وكأنما تساقطت أقنعة، أو انكشفت وجوه كانت تُخفي تحتها هشاشة عميقة.
فالخذلان المؤلم يأتي ممن ظنناهم منارات فإذا بنا نصحو على مواقف متناقضة
،لماذا يسقط من لا تنقصه الشهرة ولا المال؟
هل هناك شيء أعمق؟
المفارقة أن كثيرًا من هؤلاء لم يكونوا بحاجة فعلية إلى المال، فقد امتلكوه. ولا كانوا غرباء عن الأضواء، فقد اعتادوها.
فما الذي يدفعهم إذن إلى خيانة ما ادعوه أو التنكر لما مثّلوه؟،

قد يكون المال رغم توفره، تعبيرًا عن جشع لا حدود له... انه جشع القلوب

ربما هي لعنة الواجهة: حين يتماهى الشخص مع صورته العامة،

أو ربما هو اختبار الشهرة نفسه، حين لا يعود الرمز حرًا، بل أسيرًا لجمهور ينتظر منه المزيد – ليس من الحكمة، بل من الإثارة.

حينها يشعر الرمز أنه فوق النقد، وربما فوق القيم ذاتها.
فيقع الرمز في فخ "نرجسية مقنّعة" تسحبه تدريجيًا نحو الهاوية

السؤال :هل نحن ضحايا ، أم شركاء في صنع هذه الرموز ثم هدمها؟
هنا لا بد أن نتوقف عند المجتمع نفسه، الذي يصنع من الأشخاص أصنامًا، ثم يبكي حين تتحطم.
هل نحن أيضًا نبحث عن القدوة في أشخاص بدل أن نبحث عنه في المبادئ؟

هل نحب الصورة أكثر من الحقيقة؟

فالضرورة الحتمية هي إعادة الاعتبار للمعايير لا الأشخاص.
وأن نفهم أن البشر، كل البشر، قابلون للخطأ، مهما ارتقوا. وأن علينا إعادة تعريف مفهوم القدوة على أساس الصدق
السقوط ليس نهاية العالم، بل قد يكون دعوة للاستفاقة.
والاستمرارية في التمسك بالقيم حتى عند المغريات
لعلنا بعد كل خيبة، نقترب أكثر من بناء مجتمع لا يُصنع فيه الرمز من صوت عالٍ أو مفاهيم جوفاء،

بل من اتساق داخلي حقيقي، يحترم العقل،

وليكن درسًا بأن “الرموز” قد تخذل، أما القيم... فلا تسقط.
فليكن السقوط لحظة مراجعة، لا لحظة يأس.

الأديبة رضا الحديدي لحظة مراجعة الجارديان المصرية