دكتور محمود البحراوى يكتب : (حكايه من بلدنا) فى ذكرى وفاة الروائى والأديب مجيد إسحق طوبيا


** أنا متأكد مافيش ولا واحد حيكون عارف من هو( مجيد إسحق طوبيا ؟ ) اللى النهارده يوم (7 إبريل) تمر على وفاته ثلاث سنوات فقط حيث أنه مات زى النهارده عام (2022)
** هو روائى وأديب مصرى ولد فى صعيد مصر بالمنيا وبالرغم من أنه حاصل على بكالوريوس فى التربيه الرياضيه من كلية المعلمين إلا أنه تفرغ للأدب وحصل على دبلوم معهد السيناريو عام (1970)
** علشان نعرف من هو (مجيد إسحق طوبيا) هو صاحب قصة فيلم (أبناء الصمت) إخراج المخرج/محمد راضى والذى مازال ينال إعجاب المصريين حتى يومنا هذا ومن أجمل الأفلام التى أرخت لفترة حرب الإستنزاف قبل نصر أكتوبر كما أنه كتب أيضاً قصة فيلم (حكايه من بلدنا) من إخراج/حلمى حليم والذى سيكون موضوع هذا البوست وقصة فيلم (قفص الحريم) من إخراج/حسين كمال كما أنه نشر عدد سبع روايات ومجموعات قصصيه كثيره وله أيضاً قصتان للأطفال
(فيلم حكايه من بلدنا)
*****************
** أنا متأكد تماماً إن قليل جداً اللى يعرف هذا الفيلم لأنه تم عرضه فى السنيمات عام (1969) لمدة إسبوع واحد فقط ليتم رفعه ومنع عرضه كما أنه لايذاع فى التليفزيون إطلاقاً ولولا أنى رأيته مرتين قبل ذلك منذ سنوات وظل عالقاً بذاكرتى حتى اليوم وهو ماجعلنى أبحث لأعرف من هو كاتب القصه والسيناريو
** الفيلم بإختصار شديد هو فيلم سياسى يؤرخ لظلم الحاكم ويساعده فى ذلك بعض المستفيدين من وراءه لذلك أرى ان هذا الفيلم ليس إسقاطا على فتره زمنيه معينه بقدر من أنه يصف حالنا وحال معظم دول المنطقه فى معظم فترات تاريخنا لذلك إختار للفيلم عنوان (حكايه من بلدنا) لأنه يرى ان هذه الحكايه متكرره عبر الزمن
** العمده الظالم (صلاح نظمى) يستغل الفلاحين فى موضوع (كمر الفول) حيث أن هذه الأرض الوحيده هى التى يصلح فيها تكمير الفول وبالرغم من ان الأرض هى ملك للفلاحين إلا أنه محتكر (المكامير) ويعطى أصحابها مبالغ قليله لينال هو الربح الوفير وكل من يقف أمامه يتخلص منه بطرق مختلفه ويساعده فى ذلك بعض أدواته مثل (حسين عسر) والذى لعب دور الشنوانى نظير بأنه يعطيه أردب فول مجاناً كما انه والد الشاب المتعلم (محمود ياسين) والذى لعب دور (ممدوح) ولايعجبه حال العمده وكذلك حال والده لذلك يضغط عليه العمده لكى يجعله يترك البلد تماماً ليتفرغ لدراسته وإلا سيكون العقاب رادع له
** أهم أذرع بالنسبه له هو شيخ الغفر حسنين والذى قام بالدور هو (عبد العليم خطاب) والذى يكره أهل بلده بدون سبب ويناصبهم العداء ونظير ذلك يترك له العمده الحريه الكامله فى أعماله الإجراميه ضد أهل البلد نظير حمايته له أما العبقرى (عبد الله غيث) فقام بدور عوض وهو الصوت المعارض بإستمرار بسبب قتل العمده لأبيه قبل ذلك ولكنه معارض مغلولة يده أما الجاسوس بالنسبه للعمده والذى ينقل أخبار الفلاحين له فقد قام بهذا الدور (حسين إسماعيل) بإسم عطوه وبالرغم من خدمته للعمده الظالم طيلة أحداث الفيلم إلا انه عندما شعر العمده بتضييق الخناق عليه كان اول قرار له بأنه يتخلص من جاسوسه والذى ظل يخدمه لفترات طويلة كما كان هناك (محمد أباظه) ولعب دور أحمد وهو الإنسان الذى رافض الظلم بداخله ولكنه يمشى فى ركابه لإحتياجه للمال ويبرر أفعال العمده الظالم حتى يأتى عليه اليوم والذى ينتفض ويرفض مايفعله العمده لينضم لصفوف أهل بلده من الفلاحين ليقول له الفلاحين (الحمد لله على السلامه) وقام (عبد الغنى النجدى) بدور رمضان وهو الفلاح الذى يخاف على حياة ولده الوحيد ليغلق عليه بابه
** من العبارات الجميله فى الفيلم والتى بالطبع كتبها الأستاذ/مجيد إسحق طوبيا ماكان يردده الفنان عبد الله غيث مثل: (آه يابلد كلها فراخ ومافيش فيها غير ديك واحد) أو ماكان يقوله أثناء سيره على (مكامير الفول)وهو يقول (أرض بتطرح دهب بس خيرها مش لأهلها)
** المخرج (حلمى حليم) أبدع فى الإخراج فمثلاً عندما كان العمده يجد الضيق قد إزداد على الفلاحين يأمر بذبح عجلين وتوزيعهم على الفلاحين كمنحه وهبه منه لهم لتخرج زفه من الفلاحين تهتف وتقول (العمده الطيب دابح عجلين ربنا يخليه ويبارك لنا فيه)
ومن المشاهد القويه عندما تم خطف إبن عبد الغنى النجدى (رمضان) لينتشر الخبر بأنه تايه ولكن يذهب أبوه لشيخ الغفر ويطلب منه بأن يرجع له إبنه نظير سكوته وعدم تدخله فى أى شئ وعندما عاد له ولده قام ليغلق باب داره عليه والحزن يعلو ملامح وجهه فى إشاره بأنه لن يتدخل فى أى شئ بعد ذلك
وطبعاً منظر خطبة الجمعة والدعاء للعمده بعد الصلاه والناس بتدعى بلسانها لكن كل ملامح وجهها بتعبر عن عدم رضاهم وكأنهم يقولون (اللهم لاتستجب)
كما يعتبر المشهد بين العمده وشيخ الغفر وهما رمزان للسلطه عندما يجدان بضرورة تخفيف الضغط على الفلاحين وتركهم ليشتروا هم الفول ويكمروه فى المكامير بمعرفتهم وبدون تدخل منهما فكان الحوار كالتالى:
شيخ الغفر : لو سيبناهم المره دى حنعمل إيه بعد كده ؟
رد عليه العمده وقال حنلهيهم فى أى حاجه إحنا حنعملها بمعرفتنا وبعدين نروح نغرق لهم الفول
فقال له شيخ الغفر حنعمل إيه يعنى
رد العمده وقال له حنعمل حفله كبيره ونجيب فيها رقاصه وأكل كتير فطبيعى حيتلموا حول الأكل والرقاصه وننتهز إحنا هذه الفرصه (نفس الإسلوب يستخدم حتى اليوم نظام بص العصفوره)
** أما مشهد قتل شكرى سرحان (مرسى) ليتم تقييد الحادث ضد مجهول فهو تعبير عن الخوف والظلم فى نفس الوقت فالكل يعرف الحقيقه والكل أيضاً يخاف من النطق بها
وعندما ذهب العمده ليقدم واجب العزاء يقف محمود ياسين يقول بأعلى صوته (إذا كان مرسى مات فإن المشروع الذى كان سينفذه لن يموت) وهى تعنى بأن فكرة مقاومة الظلم لن تموت حتى إذا مات من ينادى بها
** كان مشهد نهاية العمده وشيخ الغفر فى آخر الفيلم مدفونين أحياء فى أحد المكامير ليبين بأن الجزاء من جنس العمل والمكامير التى كانت سبب ظلمهما كانت فى النهايه مقبرة لهما
** الفيلم جميل وهادف ومحترم وقال عنه المخرج حلمى حليم أثناء إخراجه بأنه يتوقع له نجاح منقطع النظير ولكن للأسف تم رفعه ليس من السنيمات فقط ولكن من ذاكرة السنيما والمصريين ولا يعرفه إلا القليلون او واحد عقر زى حالاتى
#محمود عزب البحراوى