شبراوى خاطر يكتب : قول مأثور أتأمله


غالباً ما نفكر في اشياء ونقوم بأفعال لم تأتي من داخلنا، ولكنها تسللت الينا دون قصد منا، قد يكون إيحاء من فيلم او مسلسل، او جملة موسيقية مفرحة او حزينة او مؤثرة، أو عبارة عامية من أغنية لمطرب مهرجانات، أو ملحمة شعبية أسطورية، أو شعار إعلاني لمنتج ما، وقد تكون بيت شعر من أغنية او قصيدة لشاعر مفوه قديم أو معاصر، مثل "فما أطال النومُ عمرا.. ولا قصّر في الأعمار طول السهر".
قد تكون افكار لكاتب أو اديب او مقولة لناشط سياسي أو اقتصادي، قد يكون أحد الأمثال الشعبية، أو سيرة حياة بطل تاريخي او أسطوري، وقد تكون آية من كتاب مقدس. أو مقولة لرجل دين أو عالم مشهور.
ولا يمر يوماً دون أن أبحث عن قول أو عبارة ملهمة أقتبسها من أي مصدر، وأقرأها ثلاث مرات حسب إحدى وصايا "أبو بكر الصديق" رضي الله عنه. ثم أمرره داخل عقلي وأتشربه قليلاً قليلاً. ثم أحكّم فيه عقلي لكي ارى هل أصدق القول أم لا أقنع به تماماّ.
وما يلي اقتباسٌ أتأمله، لقائله "جون دبليو غاردنر" ١٩١٢-٢٠٠٢ وزير الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية الأسبق في الولايات المتحدة، حيث قال:
"ستدرك أن معظم الناس ليسوا معك ولا ضدك، بل يفكرون في أنفسهم. وستتعلم أنه مهما حاولت إرضاءهم، فإن بعض الناس في هذا العالم لن يحبوك، وهو درسٌ قد يكون مُقلقًا في البداية، ثم يُريحك
تمامًا."
والنتيجة بعد تأمل هذا القول المأثور، أنني اعتقد بصحته بشكل كبير، فالناس يرون بعضهم البعض بعين طباعهم ومصالحهم وتأثير الانحياز لبقائهم على حساب الآخرين، ولا اقصد بالبقاء هنا فقط بالحياة دون الموت، ولكن حماية سمعتهم ومكانتهم وشهرتهم وثرواتهم وأولادهم وأوطانهم والنوادي التي يشجعونها، والجامعات التي درسوا فيها، ومدنهم وقراهم وحواريهم، وفوق كل ذلك، أفكارهم ومعتقداتهم، تجدهم يميلون الى من يحمل نفس أفكارهم وميولهم، وينجذبون الى من ينتمي الى طبقاتهم الاجتماعية وقيمهم وثقافتهم، ولذلك تجد الاحزاب والجمعيات والمؤسسات الثقافية والاخويات، والمنتديات وحتى تجمعات المقاهي الأدبية والفنية والعرقية.
وكل هذه التصنيفات تؤدي إلى وجودك بين بعض الناس الذين يحبوك، لانك على شاكلتهم وتشبههم، وآخرون لا يحبوك ولا يهتمون بك لأنك مختلف عنهم في أشياء أكثر من اتفاقهم معك ومع معتقداتك وآراءك.
وبالفعل قد نصاب بالقلق عندما نواجه هذا الأمر، ولكن إذا تفهّمنا هذه المشاعر، بأننا لن نستطيع إرضاء كل الناس كل الوقت، وأن الاختلاف شئ طبيعي، ونعتبرها إحدى حقائق الحياة، سنشعر بالراحة والهدوء ونترك الأمر المقلق خلفنا ونسعى لنمارس حياتنا في سكينة واسترخاء ورضا.