السبت 19 أبريل 2025 02:17 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

شبراوى خاطر يكتب : تذهب الجهود مع الريح .. أحياناً

الكاتب الكبير شبراوى خاطر
الكاتب الكبير شبراوى خاطر

في خبر بعنوان: رئيس الوزراء يلتقي أعضاء اللجنة المُشكلة لبحث تحديات ومستقبل الإعلام والدراما المصرية

وتفاصيل هذا الخبر هو لقاء الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بأعضاء اللجنة المُشكلة برئاسة الدكتور "أحمد فؤاد هنو"، وزير الثقافة، لبحث تحديات ومستقبل الإعلام والدراما المصرية، وذلك بحضور أعضاء اللجنة من ممثلي الهيئات الإعلامية، والجهات المعنية، وذوي الاختصاص.
وطبعاً كالمعتاد أن هذا اللقاء قد
جاء تنفيذاً لتوجيه مباشر من فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بتشكيل لجنة تضم المُختصين، تعمل على مستوى استراتيجي في هذا الملف، بما يحقق أهداف تشكيلها من دراسة التأثيرات الإجتماعية للدراما المصرية والإعلام خلال العشرين عاماً الأخيرة، وإعداد خطة مرحلية متكاملة لتنفيذها خلال السنوات العشر القادمة، لتفعيل دور الإعلام والدراما في إعادة صياغة الشخصية المصرية. وفي هذا الاجتماع من أجل الاتفاق على التوجه الاستراتيجي لعمل اللجنة، وللتأكيد على أن القوى الناعمة المصرية لها مكانة وقدرة كبيرين، حيث لا يتوقف تأثيرها عند الداخل المصري فقط؛ بل يمتد إلى المحيط الإقليمي وأوسع نطاقا، لافتاً إلى أن مصر كانت على الدوام تمتلك القدرة على تقديم إنتاج درامي وإعلامي مُتميز، وملهم، بالنظر إلى امتلاكها قامات من المُبدعين في مختلف مجالات الإبداع، ومن ثم فإن الإعلام والدراما المصرية قادران على صياغة وتوجيه رسائل تُسهم في ترسيخ الإنتماء، وغرس القيم، وإبراز الهوية ومعدن الشخصية المصرية. وللتأكيد على ضرورة الاهتمام بصناعة السينما والدراما، وخلق نماذج في الدراما المصرية تُمثل قدوة للأجيال الجديدة، مع استثمار الدراما المصرية كذلك في الترويج للسياحة المصرية.
الكلام جميل، والأهداف نبيلة، والتحرك متأخر، ولكن أن تأتي متأخراً أفضل من أن لا تأتي على الإطلاق، والشكر موصول لفخامة الرئيس وتوجيهاته والتي بدونها لا يحدث شيئ في قطاعات كثيرة في هذا البلد.

وكالعادة، لكي لا أكون متصيد للأخطاء، ومسدد لسهام الإنتقاد غير البناء، فلدي إقتراح بسيط يمكننا تطبيقه بدون عناء ؛ ويتلخص ذلك بإشراك عشرات كليات الإعلام المنتشرة في ربوع مصر، ولا ندري ماهي مخرجاتها، بأن تمارس جزء من مسؤولياتها، بأن يتعاونوا معاً، لإجراء دراسات تحليل مضمون ومحتوى الإنتاج الإعلامي والدرامي بشكل علمي وإعداد تقرير ربع سنوي وسنوي لتقديمه إلى اللجنة الموقرة للإستنارة بنتائجه في تحديد الاستراتيجيات المناسبة لكل مرحلة، وذلك من شأنه التريث وعدم التسرع في إتخاذ قرارات وخطوات عشوائية قد تضرب حرية الإبداع في مقتل، وتصل بنا الى طريق مسدود يؤدي إلى تفاقم المشكلة.

وفي هذا السياق، أود أن أضيف قصة طريفة يذكرها الدارسون للفن الدرامي عن التأثير الغير مباشر لمشهد سينمائي درامي على الجمهور المتابع لفيلم يعتبر من أهم أعمال السينما الأمريكية والعالمية خلال القرن الماضي، وكان هذا التأثير صادم إلى حد كبير.

كان للرجال في أميريكا قبل عام ١٩٣٩ عادة في ارتداء الفانلات القطنية تحت الملابس وكانت لهذه العادة سبب في انتعاش وازدهار تجارة الملابس القطنية الداخلية وبخاصة لقطاع الشباب.
ثم كان موعد عرض فيلم ذهب مع الريح
(: Gone with the Wind)‏
والذي أُنتِج في عام 1939 عن رواية مارغريت ميتشل الشهيرة بعنوان "ذهب مع الريح. وقد فاز الفيلم بِـ 8 جوائز أوسكار، واختاره معهد الفيلم الأمريكي ليكون الرابع في قائمة الأفلام الأمريكية المائة الأفضل في القرن العشرين، وحتي عام 2006 أصبح الفيلم ثاني أعلى الأفلام إيراداً في تاريخ السينما الأمريكية.

كانت شخصية بطل الفيلم (كلارك جيبيل) لديها عادة غريبة على مجتمع الرجال في أمريكا في ذلك الوقت، وهي أنه لا يرتدي فانلة داخلية وعندما يخلع ملابسه يظهر بصدره عاريا كاشفا عن شعر صدره والذي مثل نوع من الإثارة للنساء حسبما ارتأى مخرج العمل، وكل هذا قد يكون أمر طبيعي وعادي، ولكنه ترك تأثير عظيم أدى إلى إحجام الرجال عن ارتداء الفانلات القطنية الداخلية ومما أدى إلى إحداث خسائر غير متوقعة لتجار وصناع مثل هذه الملابس وأدى إلى تغيير كامل في اتجاهات وسلوكيات الجمهور.

أذكر هذا المثال لبيان كيف يمكن للأعمال الدرامية وخاصة (الناجحة) ذات الشعبية الضخمة بأن تغير أفكار وسلوكيات الجمهور المستهدف. وبشكل غير مباشر ينعكس على فرض مصطلحات لغوية جديدة وتعميم أفكار غير مألوفة وتطبيع سلوكيات مستحدثة (سواء سلبا أو إيجابا).

أقول هذا الكلام لكل (حراس البوابة) من المنتجين والمخرجين والكتّاب والنجوم، وبالطبع لابد أن يدركها أعضاء اللجنة الموقرة التي تبحث عن استراتيجات لتعزيز التأثير الإيجابي والسلبي لصناعة الدراما المصرية. ولكي يكون لهم دوراً واعيًا، بدلا أن نحاول (الحرث في البحر" في عملية مضنية من أجل إيقاظ وعي الناس، وأذكّر هنا بأنك أن تفعل السوء في ٢٩ حلقة ثم تأتي في مشاهد الحلقة الاخيرة لكي تتوب ونعترف بالخطأ وتبدي الندم. لكي تشعر براحة الضمير وتضحك على نفسك فليس من الذكاء بشئ.