دكتور رضا محمد طه يكتب : مرض الليشمانيات في تزايد بسبب تغير المناخ


أكثر من مليون شخص حول العالم يصابون سنوياً بداء الليشمانيات الجلدي وهو عدوي جلدية مدمرة يسببها طفيل الليشمانيا الذي ينتقل من خلال لذغات ذبابة الرمل ، حيث يكثر في المناطق السكانية الفقيرة الاستوائية وشبه الاستوائية مثل شمال إفريقيا وامريكا الجنوبية حيث ينتشر سوء التغذية وسوء السكن والمجاعات ونزوح السكان فضلا عن تغير المناخ وزيادة الحرارة وهطول الأمطار والفياضانات والتوسع العمراني وإزالة الغابات . يتكاثر الطفيل داخل الجهاز المناعي وبالأخص الخلايا البلعمية أو الماكروفاج، وإذا تركت العدوي بدون علاج فسوف ينجم عنها ندوب جلدية تبقي مدي الحياة فضلا عن إعاقة منهكة ووصمة عار اجتماعية عميقة ، ولا يوجد لقاح له وحتي العلاجات المتوفرة غير فعالة وسامة ويصعب إعطاؤها.
دراسة جديدة نشرت 4 من ابريل الجاري في مجلة نيتشر كوميونيكاشن NatureCommunications تعتبر نقلة نوعية في نهج مقدمي الرعاية الصحية في علاج هذا المرض صعب العلاج، حيث استطاع فريق البحث من اكتشاف طريقة يمكن من خلالها التنبؤ بمدي استجابة المريض للعلاج الاكثر شيوعاً مما يساعد في إنقاذه من الاضطرار لشراء الأدوية الباهظة الثمن وغير الفعالة والسلامة، وخاصة أنه في بعض الحالات العلاجية لداء الليشمانيات الجلدي يكون العلاج أسوأ من المرض نفسه، حيث السمية العالية لذا فإن المريض قد يشعر بالغثيان لأسابيع أثناء العلاج. هذا ويعتبر "ميجلومين انتيمونيات" الدواء القياسي للمرض والذي عادة ما يفشل لدى حوالي 40-70% من المرضى الذين يعطي لهم، حيث يظل معدل الفشل هذا قائما حتى بعد إكمال المرضي لدورة العلاج الكاملة والتي تستغرق ما يصل إلى 14 أسبوعاً، ومن ثم فإن معرفة مدى فعالية الدواء على المريض في مرحلة مبكرة أمر بالغ الأهمية لأنه يمنع اسابيع أو أشهراً من العلاج غير الفعال ويمنح فرصة لاختيار بدائل علاجية أكثر ملاءمة في أقرب وقت.
من خلال تحليل نشاط 9 من الجينات تمكن الباحثون من التنبؤ بمدي فعالية العلاج على مريض الليشمانيات الجلدي بدقة عالية تصل إلى 90% بما يمثل تقدما كبيرا لمقدمي الرعاية الصحية والعلماء الذين يعملون على تحسين نتائج هذا المرض الذي بدأ بالانتشار إلي أماكن جديدة مثل الولايات المتحدة الأمريكية مما يعني أننا بحاجة إلى هذه المعلومات اكثر من اي وقت مضي. هذا ويأمل فريق البحث بأن نتائجهم الجديدة وخاصة فيما يتعلق بمسار الانترفيرون من النوع الأول أن تمهد الطريق لتطوير علاجات جديدة لهذا المرض، حيث وجد الفريق أن المرضى الذين لم يستجيبوا لعلاج ميجلومين انتيمونيات أظهروا نمطاً مميزا في جهازهم المناعي عبارة عن حالة التهابية مستمرة تسمي استجابة الانترفيرون من النوع الأول والتي هي جزء أساسي من نظام الاستجابة المناعية المبكرة للجسم ضد الفيروسات بما تساعد الخلايا علي اكتشاف مسببات الأمراض ومن ثم تجنيد جيوشها الدفاعية لمكافحة الممرض. وكشفت النتائج أن الاستجابة المرتفعة للانترفيرون من النوع الأول موجودة في انواع الخلايا المناعية لعينات دم المرضى، ومن خلال تتبع هذه التغيرات طوال عملية العلاج يمكن تحديد دلالات واضحة عند المرضى الذين يتعافون بنجاح مقارنة بالذين لا يستجيبون للأدوية القياسية.