الإعلامى هيثم جويدة يكتب : منتهى الحرية... والملكية الفكرية


تخيل أن شخصا ما نسخ كتابك الذي قضيت شهورا تكتبه أو حتى قام بترجمته دون أن يستأذنك أو أخذ تصميمك وبدأ يبيعه باسمه فهل هذا قانوني حتى وان كان شائعا؟ ان هذا التصرف يعتبر تعدي صريح واعتداء قانوني لا يختلف عن سرقة اي شيء تملكه وبما ان الفكرة اصبحت أحيانا تساوي ملايين فلم يعد كافيا أن تكتب أو تبتكر أو تخترع بل يجب أن تحمي ما صنعت ومن هنا جاء مفهوم الملكية الفكرية القانون الذي يحرس المبدعين ويقف بينهم وبين كل من يحاول سرقة أفكارهم أو استغلالها دون وجه حق فهل تعلم أن حقوق المؤلف الأدبية لا تسقط أبدا؟
نعم من الناحية الأدبية يظل اسم المؤلف محفوظ مدى الحياة لا يحق لأحد أن ينسب عمله لنفسه أو يحرفه أما من الناحية المالية فتستمر الحقوق لمدة خمسين عاما بعد وفاة المؤلف وبعدها يصبح العمل متاح للعامة ولكن دون المساس باسمه.
ولاهمية الحفاظ على المبدعين أصدرت مصر قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002، تعديلا للقانون رقم 354 لسنه 1954 ليمنح كل صاحب فكرة أو مؤلف أو مخترع سلاحا قانونيا يحميه وتبدأ الرحلة بخطوة بسيطة أن تسجل عملك سواء كان لديك كتاب او لحن او برنامج كمبيوتر ستتوجه إلى إدارة حقوق المؤلف بوزارة الثقافة وفي حاله صممت شعار او ابتكرت آلة او صنعت تركيبة دوائية سوف تذهب إلى مصلحة التسجيل التجاري التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية بعدها تحصل على شهادة رسمية تقول للجميع هذا العمل املكه ولا يحق لأحد استخدامه إلا بإذني.
من أشهر القصص الواقعية في هذا السياق دعت الى ضروره التسجيل في الملكية الفكرية قصة الأديب العالمي نجيب محفوظ الذي توفي وترك خلفه تراثا أدبيا تم ترجمته إلى لغات عديدة وبعد وفاته نشبت عدة خلافات بين دور نشر وأفراد حاولوا استغلال أعماله أو إعادة نشرها بطرق غير قانونية وهو ما دفع ورثته الشرعيين للتدخل قانونيا لحماية حقوقهم المادية والتأكيد على عدم المساس بتراث محفوظ دون تصريح أو اتفاق رسمي وقد ساعدهم في ذلك وجود قانون الملكية الفكرية الذي أتاح لهم تسجيل الحقوق والتحرك ضد التعديات
القصة ليست مجرد أوراق... إنها قضية وعي فما قيمة الإبداع إذا لم يجد صاحبه من يحميه وما فائدة الفكرة إن سرقت قبل أن ترى النور
الملكية الفكرية هي منتهى الحرية... حرية التفكير والتعبير وحرية أن ترى مجهودك يحترم لا ينتحل.
ومن هنا ادعوا الي تغليظ احكام قانون الملكية الفكرية كما نود ان نرى هذه القضايا معلنه امام جميع وسائل الإعلام حتى يطمئن كل مفكر ومبدع ومخترع... فالمستقبل لا يبنى إلا بالأفكار... لا بالسطو عليها.