دكتور علاء الحمزاوى يكتب : الإسلام ساوى بين الرجل والمرأة !!


كثيرا ما يثار هذا السؤال: هل المساواة محققة بين الرجل والمرأة ولاسيما في الميراث والشهادة؟ نـعــم المساواة محققة في الإجمال، لكن الأمر يحتاج إلى تأمل دقيق للخصائص الفسيولوجية لكل منهما وما ينتج عنها من تكليفات، فهناك تكليفات مشتركة بينهما كأداء العبادات واجتناب المحرمات والوقوف عند الحدود والحث على الخير واجتناب المنكر، وفي ذلك يقول تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، وهناك تكليفات خاصة بكل منهما كالجهاد والإنفاق للرجل، وأن الزوجة مكلفة بطاعة زوجها وتربية أولادهما وصيانة بيته، وفي ذلك يقول تعالى: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى}.
وتوزيع الميراث يتطلب رؤية شمولية تنطلق من فلسفة الإسلام في توزيع الميراث، فقد ذكر العلماء أن توزيع الميراث قائم على ثلاثة معايير: أولها: درجة القرابة بين الوارث والمتوفّى، فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب في الميراث، فلو مات شخص تاركا ابنا وأخا وحفيدا فالابن يمنع أو يحجب الأخ والحفيد من الميراث، إلا أن الحفيد يأخذ الثلث حدا أقصى بالوصية الواجبة التي شرعها القانون المصري وتـم تنفيذها 1946، والابن يأخذ الباقي، وثانيها: موقع الجيل الوارث من التتابع الزمني للأجيال، فجيل يستقبل الحياة يرث أكثر من جيل يستدبر الحياة، فالابن يرث أكثر من الأب، وكلاهما ذكر، والبنت ترث أكثر من الأم، وكلتاهما أنثى، بل ترث البنت أكثر من الأب، وثالثها: العبء المالي الذي يوجبه الشرع على الوارث حيال الآخرين، وهذا المعيار هو الذي يظهر فلسفة التفاوت بين الذكر والأنثى في قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْن}، فالذَّكَر هنا في حالة تساوٍ مع الأنثى في درجة القرابة وفي الجيل الوارث، لكنه استحق ضِعفها؛ لأنه مكلَّف بالإنفاق على زوجة وأسرة، وهي غير مكلفة بذلك، بل هي مسؤولة من الرجل المقترن بها، وكون المرأة ترث ولا تُكلَّف بالإنفاق على غيرها يعطيها ميزة ومكانة عالية في الإسلام، وأن لها ذمة مالية مستقلة، ليس من حق الزوج التصرف فيها إلا بإذنها، فما أرقى هذا التشريع!
وفي ضوء تلك المعايير ذكر العلماء أن حالات توزيع الميراث تتجاوز ثلاثين حالة تحكم نصيب المرأة مقارنة بالرجل في الميراث، ويمكن إجمالها في أربع صور: الأولى: حالات ترث فيها المرأة منفردة ولا يرث الرجل، فمثلا لو توفي شخص وترك جَـدًّا (والد أمه) وجَــدَّة (والدة أمه) ترث جَـدته فيه ولا يرث جَــده، والثانية: حالات تزيد فيها المرأة عن الرجل، منها لو ماتت امرأة وتركت زوجا وأختين لأم وأخوين شقيقين فإنَّ كل أخت لأم تأخذ ضعف نصيب الأخ الشقيق فرضا مع كونه الأقرب إلى المتوفاة، والثالثة: حالات تتساوى فيها المرأة مع الرجل، فمثلا لو توفي شخص تاركا ابنا وأبـا وأمــا، فالأم تأخذ مثل الأب تماما، قال تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَد}، والرابعة: حالات تنقص فيها المرأة عن الرجل، منها أن تكون ابنة مع ابن لأب متوفى استنادا إلى قوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْن}.