الخميس 24 أبريل 2025 09:10 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

د. مريم بو على تكتب : كيف تشكل الأطباق الوطنية هويتنا؟

د. مريم بو على
د. مريم بو على

كان حضوري لمهرجان نيلسون مانديلا بتونس لفنون الطبخ وحقوق الإنسان الاهمية في فهم الثقافات الطهوية ،حيث كانـت المسابقات في مجال الطهي ليست مساهمات فقط بل تعريفات لثقافات الدول المشاركة من أهمها تونس والأردن سوريا وتركيا ، فالمهرجانات الثقافية والتظاهرات الفكرية دور مهم في التوعية الثقافية والمجتمعية ومعرفة ثقافات الدول المجاورة والمحلية وكما تساهم هذه المهرجانات خاصة المتعلقة بفنون الطبخ والرسوم والموسيقى كتظاهرة صفاقس في التعريف والتذكير بذاكرة الاجداد فهي اليات أيضا تعتمد الثقافة الجماهيرية ووسائل الاتصال الجماهيري للتعريف بخصوصيات المجتمعات الثقافية ،ولقد كان في مهرجان نيلسون مانديلا لفنون الطبخ وحقوق الانسان والسلام لفتة وملاحظات قيمة ، لما يفيد الشأن الثقافي والتراث الغذائي بصفة عامة فكما أن الشعوب تقدم نفسها من خلال ألوانها الموسيقية ورسومها وفنونها، فهي يمكن أن تقدم نفسها من خلال أطباقها وأكلاتها دور الثقافات الغذائية والارتباط بالمجتمع العربي ، حيث تتميز المنطقة العربية من الخليج إلى المحيط بتعدد أشكال الأطباق، وتميزها في تقديم الطعام على المائدة حتى بلغت العالمية والاعتراف بها من قبل منظمة اليونسكو للتراث غير المادي ، ومن اشهرها الهريسة التونسية والمنسف الأردني والقهوة السعودية وغيرها من الأطعمة التقليدية لشعوبنا العربية، حيث تعد التغذية جزءًا أساسيًا من الهوية الثقافية لأي مجتمع، بحيث تعكس الأطباق الوطنية التقاليد والقيم والتاريخ الخاص بكل ثقافة ، منذ القدم كانت الأطعمة وسيلة للتواصل والتعبير عن الهوية الثقافية ، فكل طبق يحمل في مكوناته حكايات وقيماً تعود إلى الأجداد، إن الأطباق الوطنية ليست مجرد مصادر للغذاء، بل هي رموز تعزز من شعور الانتماء والارتباط بالماضي ، وتتأثر الأطباق الوطنية بالعديد من العوامل، منها الجغرافيا والمناخ والموارد الطبيعية، ففي البلدان الساحلية نجد أن الأسماك والمأكولات البحرية تلعب دورًا محوريًا في النظم الغذائية ، بينما في المناطق الجبلية قد تكون الحبوب والألبان هي السائدة وفي مناطق أخرى اللحوم والأجبان والخضار وغير ذلك، هذه الاختلافات لا تعكس تفضيلات الطعام فحسب، بل أيضًا طريقة حياة الشعوب وعاداتها اليومية، في كل ثقافة نجد أن طرق الطهي والمكونات المستخدمة تعكس الممارسات الزراعية المحلية والتفاعلات التجارية مع الثقافات الأخرى ، تعد الأطباق الوطنية أيضًا وسيلة للتعبير عن التنوع الثقافي، في البلدان التي تضم مزيجًا من الثقافات نجد أن المأكولات تتداخل وتتفاعل، مما يؤدي إلى ابتكار أطباق جديدة، هذا التفاعل يعكس التبادل الثقافي ويسهم في تعزيز الفهم المتبادل بين الشعوب، ومن خلال تناول الأطعمة التقليدية، يمكن للأشخاص تجربة جوانب من ثقافات أخرى، مما يسهم في بناء جسور من التواصل والتفاهم.
على مستوى الهوية، تلعب الأطباق الوطنية دورًا حيويًا في تعزيز الفخر والانتماء، في المناسبات الاجتماعية والاحتفالات، تظل الأطعمة التقليدية محورية، حيث يتم تقديم الأطباق الوطنية كرموز للتراث والثقافة، هذه اللحظات تتيح للناس تعميق ارتباطهم بتاريخهم وتراثهم، مما يعزز من شعورهم بالهوية الوطنية ، إن الأطباق التي تقدّم في الاحتفالات والمناسبات تعيد إحياء الذاكرة الاجتماعية وتساعد على نقل التقاليد من جيل إلى آخر وتحفظ العادات والتقاليد علي مدار الزمان .