د.كمال يونس يكتب : سر اضطراب لغة الخطاب النقدي المسرحي


.كم تحفل مقالاتي بتندر وسخرية لازعة من لغة النقد العربي المسرحي المصرة بضراوة على تبعيتها للغرب ، بترديد مفرط وتثبيت بشكل سيء لتلك المفردات الأعجمية الدخيلة والمنحوتة والمقحمة في الخطاب النقدي بين أوساط الأكاديميين من ممتهني النقد المسرحي والمقلدين التابعين الإمعات من مدعي النقد، في محاولة منهم لتغيير اللغة الواصفة جاعلين إياها طلاسم ولغة خاصة تتداول في محافلهم دون مراعاة استيعاب الجمهور وكيفية مخاطبته ،إذ كنت أكرر أن السبب يكمن في ولعهم وشبقهم لتجديد لغة الخطاب النقدي ولكنهم للأسف كانوا كالراقصين على السلالم فلا رآهم أحد من أعلى ولارآهم أحد من أسفل،بل وفقدوا بوصلتهم اللغوية وأطاحوا بلغة النقد الرصينة التي تمردوا عليها ،واستخدموا كمقلدين عمي المصطلحات التي استوردها الغربيون من العلوم الأخرى مثل الفلسفة وعلم النفس والانثروبولوجيا وعلم الاجتماع والطب،وعلم الجينات والآثار والهندسة إلخ .. دون أن يفقوها أو حتى يكلفوا أنفسهم بتفسيرها وتوضيحها أو الوقوف على مدي تناسب استخدامها في النقد ، حتى صارت مقالاتهم ودراساتهم ومنصاتهم تحفل بحوشي اللفظ وغريبه بطريقة كلامهم وتراكيبهم اللغوية التي تستعصي على الفهم ،ساعد على انتشارها مهرجانات المسرح التجريبي ومحاولة تميزهم بترديد المصطلحات الواردة في الكتب المترجمة على عجالة ليدللوا واهمين أدعياء على سعة علمهم واستيعابهم لكل ماهو حديث ،بل تفنن بعضهم في اختراع ونحت مصطلحات ،ويكمن الرجوع بسهولة إلى تلك الآفة التي تتضح في فحوى مايتردد على لسان سدنة المسرح التجريبي وفي كتاباتهم ،يؤكد على سبب تلك الظاهرة المرضية ما أورده الباحث المسرحي المغربي د.أحمد بلخيري
لسزوندي P. Szondi الطبيب وعالم النفس المجري : إن تطور الخطاب النقدي، مواكبة للتحولات الجمالية-الايديولوجية، بالتطورات النظرية للعلوم الإنسانية...لقد تركت العلوم الإنسانية-علم النفس، التحليل النفسي، علم الاجتماع، الأنثروبولوجيا الخ- والمنهج البنيوي بصمات قوية في مجال علم المصطلح المسرحي. كل علم يمتلك مفاهيمه الخاصة، لكن هذه يكون تثبيتها غالبا أيضا بشكل سيء وتستعمل في مجالات أخرى. كذلك النقد، حتى في مظاهره اليومية (تقارير)، يستعمل مصطلحات التحليل النفسي..."