الأربعاء 30 أبريل 2025 05:14 صـ
الجارديان المصرية

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير عبد النبى عبد الستار

مقالات

حسام الدين مسعد يكتب : #الذكاءالإصطناعي_مابين_الجريمةوالعقوبةالرادعة

الكاتب الكبير حسام الدين مسعد
الكاتب الكبير حسام الدين مسعد

في عصر تتسارع فيه التكنولوجيا بوتيرة غير مسبوقة، أصبحت أدوات الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من حياة المبدعين، وبينما يرى البعض فيها وسيلة لتسهيل الإنتاج وتسريع الكتابة، يثير استخدامها المتزايد في الأعمال الأدبية والمسرحية قلقًا متناميًا بشأن تهديد الإبداع الإنساني الأصيل، فهل نحن أمام حقبة جديدة تفرض علينا إعادة تعريف مفاهيم التأليف والملكية الفكرية؟ وما دور القانون في ضبط هذا الواقع الجديد؟

-لم تعد النصوص الأدبية حكرًا على الكُتّاب والمبدعين، فقد أصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على كتابة مقالات، وقصائد، وحتى نصوص مسرحية كاملة بلغة سليمة وأفكار مترابطة. ورغم ما يحمله هذا من إبهار تقني، إلا أنه يطرح تحديًا وجوديًا حول الأصالة، ويهدد بانقراض التجربة الإنسانية داخل النصوص،لكن كيف لنا أن نكشف تدخل الذكاء الإصطناعي في الأعمال الأدبية ؟
ظهرت مؤخرًا عدة تطبيقات وتقنيات تهدف إلى الكشف عن استخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة، منها:
GPTZero: يكشف مدى اعتماد النص على خوارزميات الذكاء الاصطناعي.

Originality.ai: يفحص الأصالة ويكشف نسبة الذكاء الاصطناعي في النصوص.

Turnitin AI Detector: مخصص للأعمال الأكاديمية، وبدأ يشمل النصوص الإبداعية.

-تعتمد هذه الأدوات على تحليل الأسلوب،و تكرار الجمل، والبنية النحوية للكشف عن "الطابع الآلي" للنص،وحتي بدون أدوات تقنية، يمكن للقارئ المتمرس أن يلتقط إشارات تدل على أن النص ليس من إنتاج بشري بالكامل، منها:الجمود العاطفي في النص، وغياب الانفعالات الحقيقية،وكذا عمومية الأفكار وافتقارها للتفاصيل الشخصية أو الثقافية،واللغة الموحدة جدًا الخالية من التفاوت الأسلوبي.
وفضلاً عن بروز الحوارات غير الطبيعية أو التصعيد الدرامي السطحي في النصوص المسرحية،بالإضافة الي التكرار المنظم بشكل مفرط مما يكشف عن نمط برمجي في الكتابة.
-في المسرح تحديدًا، حيث يعتمد النص على العاطفة والتجربة واللغة الحية، يبدو تدخل الذكاء الاصطناعي خطرًا على جوهر العملية الإبداعية، مما يتطلب تدخلًا تشريعيًا حازمًا،فمازالت معظم القوانين في الدول العربية تفتقر إلى مواد واضحة تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج الأعمال الأدبية والفنية، إلا أن هناك حاجة ملحة لتحديث التشريعات لتشمل:
-إلزامية التصريح باستخدام الذكاء الاصطناعي في أي عمل أدبي أو فني.
-تعديل قانون حقوق المؤلف بحيث يُمنح الحق للأعمال المنتَجة بواسطة الإنسان فقط.
-سن عقوبات قانونية على من ينسب إلى نفسه أعمالًا أنجزها الذكاء الاصطناعي كليًا دون الإفصاح عن ذلك.
هذه التعديلات من شأنها حفظ حقوق المؤلفين الحقيقيين، وردع محاولات التزييف الأدبي.

-إن الذكاء الاصطناعي، رغم كفاءته التقنية، لا يمكنه تعويض الروح الإنسانية في العمل الأدبي، ولا يمكنه محاكاة المعاناة،و الحلم، والدهشة التي تسكن في وجدان المبدع، ومن هنا، يصبح تدخل القانون ضرورة لحماية هوية الإبداع من أن تتحول إلى مجرّد إنتاج آلي فاقد للعمق، فالرهان ليس على منع التقنية، بل على ضبطها، بما يضمن استمرار الأدب كفن إنساني نابض بالمعنى.


★ملحوظة تم تعديل الصورة بواسطة الذكاء الإصطناعي .